هل ما زال التصوير الصحفي قائمًا حقًا بأيامنا؟ حيث أصبح كل منا، بهواتفنا الذكية، التي يمكننا استخدامها للتصوير والتوثيق، محطات بث متنقلة. يعني هذا أن هنالك منافسة شديدة على من ينشر المعلومات أولًا، ما كان حصرًا في الماضي على الصحافيين فقط، إلى جانب المكاتب الحكومية أو الباحثين.
يرى مصورون كثر بالمصورين الصحافيين أمرًا سيئًا لأن ذلك يمس بقدرتهم على كسب العيش بالإضافة إلى الصراع بين جمالية الصورة وبين قدرتها على توثيق الحدث. وبالفعل، وجدت نفسي أكثر من مرة أفضل الانتظار بعض الوقت وأن أتجول مع الكاميرا في الموقع للعثور على تفاصيل مثيرة للاهتمام قادرة على سرد القصة للمشاهد. لكني أميل في حالات أخرى إلى التقاط بعض الصور وإرسالها إلى الصحيفة على الفور عندما يكون هناك حدث عاجل وساخن. لا تكون الجماليات في رأس أولوياتي كمصور صحفي في حالات كهذه، يضطر المصور الصحفي على اتخاذ القرارات وحده عندما يكون في موقع الحدث، وأن يفضل رسالة ومضمون الصورة على جماليتها.
هل أنا راضٍ عن نشر صورة معدومة الحس الجمالي؟ الجواب هو نعم. هدفي أنا وكل مصور هو إثارة المشاعر في المشاهد ومنحه الشعور أنه جزء مما يحدث. أي إذا كانت الصورة قبيحة ومعدومة المميزات الفنية تخدم القصة الإخبارية وتثير عدم الارتياح أو التماهي لدى المشاهد، فهذا يكفي لنشرها بنظري، حيث أني جئت لالتقاط الصور للتعبير عن المشاعر.
ولمَ أمتهن التصوير الصحفي؟ لأنه مجال يمكنك تصوير كل شيء فيه. لست خبيرًا بالموضة لكني أعرف كيف أصور الأزياء، ولست خبيرًا بالرياضة لكن لديّ الأدوات والمهارات لتصوير الألعاب الرياضية، أعرف أي هي اللحظة الحاسمة وتوثيقها وإرسال الصورة إلى الصحيفة. كما أن المصور الصحفي بسيرورة تعلم مستمرة أكثر من مصورين آخرين.
يحتاج العالم للمصورين الصحفيين لأنهم مصداقيين وخاضعين لأخلاقيات صحفية صارمة، على خلاف كل من يسارع لنشر صور دون التحقق مما يحدث فيها.
بين التصوير الصحفي والتصوير الفني
فادي أمون
صحفي ومصور صحافي من قرية يركا في الجليل العربي. أمون طالب سينما وعلوم سياسية وعلاقات دولية. يصور أمون ويكتب في صحيفة "هآرتس" ويعمل في منظمة "شومريم - مركز للإعلام والديمقراطية". من المبادرين لاحتجاج "حياة العرب مهمة"